أخبار اليمن



ألغام الحرب: خريطة الموت المفقودة في اليمن

الأربعاء - 14 مايو 2025 - 01:04 ص

ألغام الحرب: خريطة الموت المفقودة في اليمن

أحداث العالم ـ متابعات


زرع عشوائي من يُخفي خرائط الألغام في اليمن؟
هو من أكبر حقول الألغام في العالم، يعيش فوقه اليمنيون، في العديد من المناطق التي شهدت فصول الحرب الدامية بين الحكومة المعترف بها دوليًا، والمدعومة من التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية والإمارات، وبين جماعة أنصار الله (الحوثيين) منذ اندلاع القتال في 2015.

وعلى الرغم من جمود العمليات العسكرية منذ ثلاث سنوات ضمن هدنة هشة غير معلنة، ما زال شبح الألغام يُعْمِل في اليمنيين القتل والتشويه والإفقار، ويحرمهم من موارد اقتصادية حيوية، في حين تواجه عملية النزع وتطهير المناطق تحديات جمة، على رأسها غياب التعاون بين أطراف الأزمة، ونقص التمويل والخبرات، وعدم تسليم خرائط زراعة الألغام.

نناقش في قصتنا واقع المشكلة والمسؤولين عنها، والتحديات التي تواجه جهود نزع الألغام، وعلى رأسها رفض الحوثيين التعاون من خلال تسليم خرائطها.

زرع عشوائي للألغام
استولى الحوثيون على معظم مخزون الجيش من الألغام بعد دخولهم صنعاء في 2014، وتوسعوا في استخدامه بشكل كبير لحماية المناطق التي سيطروا عليها، كما عمدوا إلى تفخيخ العديد من المناطق التي دخلوها، وفي حصار وتثبيت السيطرة في مناطق القتال المختلطة؛ مثل تعز التي تُعدّ أكثر المدن تلوثًا بالألغام في البلاد.

ذكرت الباحثة إلينا ديلوجر في تقرير نشره “معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى”، أنّ الحوثيين زرعوا الألغام يدويًا في معظم الأحيان، دون اعتماد نمط أو سجل يمكن تحديده، على عادة القوات النظامية من أجل نزعها لاحقًا.

كما وثقت تقارير مؤسسة أبحاث التسليح أثناء الصراعات (CAR) توسع الحوثيين في تصنيع الألغام محليًا، وإدخال تعديلات جوهرية على المخزون الوارد من الخارج، بغرض تحويلها من مضادة للمركبات والأوزان الثقيلة، إلى مضادة للأفراد والأوزان الخفيفة، وذلك بعد دراسة العديد من عينات الألغام التي تركتها قوات الجماعة في مناطق الساحل الغربي.


كما أشار تقرير آخر لمؤسسة خدمات أبحاث التسلح (ARES) إلى نهج الحوثيين في التضليل والتمويه لإخفاء الألغام بشكل محكم؛ عبر استخدام ألوان تنتمي إلى البيئة؛ ما يُسقط عددًا أكبر من الضحايا.

تقول مسؤولة الإعلام والشفافية بمكتب تنسيق الأعمال المتعلقة بالألغام في عدن “يماك”، الممول أمميًا، لـ”مواطن”: “إنّ جماعة الحوثيين تفننت في تنويع طرق زرع الألغام وفقًا لطبيعة الأرض الجبلية والصحراوية؛ حيث زرعتها بأشكال مخادعة في هيئات أحجار وإطارات سيارات وحاويات مياه وألعاب أطفال؛ ما جعلها عصية على الاكتشاف؛ سواء أكان من جانب المدنيين، أو حتى العاملين على نزع الألغام، مما يتسبب في سقوط ضحايا بينهم.

لا توجد تقديرات دقيقة حول عدد الألغام المنتشرة في مساحات واسعة من البلاد، كما تعاني هذه المناطق التي كانت مسرحًا للعديد من المعارك من مخاطر العبوات والأجسام الحربية التي لم تنفجر، والتي تَعدُّ جميع الأطراف مسؤولة عنها.

وقعت الحكومة اليمنية على معاهدة حظر انتشار الألغام عام 1998، والتي دخلت حيز النفاذ في 2003، وحينها طلبت مهلة أولى (ست سنوات) لتدمير مخزونها من الألغام، ثم طلبت مهلة ثانية (خمس سنوات)، وبحلول عام 2014 -أجل انتهاء المدتين- كان من المفترض إعلان اليمن دولة خالية من الألغام.

"تفننت جماعة الحوثيين في تنويع طرق زرع الألغام وفقًا لطبيعة الأرض الجبلية والصحراوية؛ حيث زرعتها بأشكال مخادعة في هيئات أحجار وإطارات سيارات وحاويات مياه وألعاب أطفال." انتصار عبد الجليل

تراجعت هذه التعهدات أمام واقع جديد فرضه استيلاء الحوثيين على السلطة؛ ما دفع الحكومة لطلب مد آجال الوفاء بتعهد إزالة كافة الألغام ثلاث مرات، وصنفها المرصد الدولي للألغام ضمن فئة الدول التي يتجاوز أجل التزامها باتفاقية نزع الألغام فيما وراء 2028، مع إضافة ملاحظة بأن التقدم نحو ذلك الهدف “غير مرجح”.

حياة على حافة الموت
تُستخدم أنواع عديدة من الألغام في اليمن، وتصنف إلى البرية التقليدية والمرتجلة، والبحرية التقليدية والمرتجلة، وذكر تقرير “CAR” أنّ 8 بعثات أرسلتها المؤسسة، درست عينات من عتاد منتشل يشمل ألغامًا برية وبحرية، وخصلت إلى أنّ بعضها تقليدية تعود إلى مخزونات قديمة للجيش اليمني، ومعظمها كانت مرتجلة تم إنتاجها بكميات كبيرة محليًا من قبل قوات الحوثيين.

تشير عبارة التقليدية إلى الألغام المنتجة وفقًا للمعايير التقنية المتبعة دوليًا، بينما تعبر المرتجلة عن الألغام المصنعة محليًا بإمكانيات محدودة وطرق مختلفة، وذكر التقرير السابق أنّ أصول مفاتيح العبوات الناسفة المرتجلة، بما فيها مستشعرات الأشعة تحت الحمراء السلبية، وأسلاك السحق وأجهزة الإرسال والمستقبلات التي تقابلها يعود إلى إيران، حليفة الجماعة والمتهمة بدعمها عسكريًا.

تحتل اليمن المركز الخامس عالميًا من حيث عدد ضحايا الألغام من المدنيين، وفق تقرير المرصد الدولي للألغام لعام 2024. تتراوح التقديرات فيما بين 6 آلاف إلى 10 آلاف بين قتيل وجريح على مدى 10 أعوام منذ اندلاع الصراع عام 2015 حتى عام 2025.

لا يمكن التأكد من أعداد الضحايا؛ لغياب الشفافية وضعف الإحصاء، نظرًا لاستمرار الصراع، وتعدد التقديرات بين عدن وصنعاء، وادعاء الحوثيين بأن سقوط الضحايا عائد للأجسام غير المنفجرة والذخائر العنقودية التي استخدمها التحالف العربي في القصف الجوي.



توجد الألغام في عدة محافظات: هي مأرب والبيضاء والحديدة ولحج وتعز وإبّ وصنعاء وأبين والجوف والضالع وعمران وصعدة وحجة، وتتركز أكثر في مناطق الساحل الغربي، وخاصة تعز والحديدة، وفي الجوف والبيضاء ومأرب، وجميعها مناطق شهدت اشتباكات طويلة ودامية بين أطراف الحرب.

تقول الباحثة السياسية من اليمن، ورد الشاعري لـ”مواطن”: “إن العامل الرئيس لتركز الضحايا بنسبة أكبر بين المدنيين، ينتج عن غياب الوعي الكافي لدى تلك الفئات بشأن خطورة الألغام وكيفية التعامل معها، وغياب الجهود الحكومية لتحذير المواطنين من الأماكن الملوثة بالألغام”.

تفخيخ المستقبل
بدوره، يرى مستشار وزارة التربية والتعليم ورئيس تكتل نشطاء عدن، عارف ناجي، أنّ الألغام تشكل تهديدًا قائمًا لمستقبل التنمية الاقتصادية في اليمن، وخاصة في القطاع الزراعي الذي يعتمد عليه غالبية السكان في المناطق الريفية؛ حيث وقعت كثير من هذه المناطق في أماكن اشتباكات سابقة





شاهد ايضا


ألغام الحرب: خريطة الموت المفقودة في اليمن ...

الأربعاء/14/مايو/2025 - 01:04 ص

زرع عشوائي من يُخفي خرائط الألغام في اليمن؟ هو من أكبر حقول الألغام في العالم، يعيش فوقه اليمنيون، في العديد من المناطق التي شهدت فصول الحرب الدامية ب


مايكروسوفت تفاجئ العالم: مساعد ذكي يرى ما تفعله ويضبط إعداداتك تلقائيا ...

الأربعاء/14/مايو/2025 - 12:34 ص

تستعد شركة "مايكروسوفت" لإطلاق مؤتمرها السنوي للمطورين "Build" بين 19 و22 أيار/مايو، وسط توقعات بسيطرة الذكاء الاصطناعي على الحدث كما في السنوات الماض


حماس تنفي وجود مركز عسكري قريب بعد استهداف إسرائيل لمستشفى في خان يونس ...

الأربعاء/14/مايو/2025 - 12:23 ص

استهدف جيش الاحتلال الإسرائيلي مستشفى غزة الأوروبي في مدينة خان يونس في قطاع غزة، بهدف مهاجمة أفراد من حركة حماس "مكثوا داخل مجمع قيادة وسيطرة تحت الم