مقالات صحفية


لماذا خسر الخطاب السياسي للشرعية رصيده الشعبي؟

الإثنين - 12 مايو 2025 - الساعة 08:49 م

د. عبدالقادر لطف الخلي
الكاتب: د. عبدالقادر لطف الخلي - ارشيف الكاتب



مقدمة: من حلم الدولة إلى كابوس الفوضى

حين انطلقت "عاصفة الحزم" عام 2015، ورفعت شعار "إعادة الشرعية"، ظن الناس أن الأمر مسألة أشهر وستُهزم جماعة الحوثي، ويُعاد بناء الدولة اليمنية.
لكن بعد عشر سنوات تقريبًا، تحولت تلك الآمال إلى حالة جماعية من السخرية واليأس. لم يتغيّر الحوثي، بل تغيّرت "الشرعية" حتى أصبحت في نظر الناس الطرف الأضعف والأقل شرعية في الواقع.


---

1. الخطاب السياسي المنفصل عن الواقع

كلام كبير بلا أثر: بيانات الشرعية وتصريحات مسؤوليها تدور في حلقة من "الإدانة" و"الترحيب" و"القلق" دون فعل حقيقي.

غربة جغرافية ونفسية: معظم القيادات تعيش في فنادق الرياض أو القاهرة، لا ترى معاناة الناس ولا تسمع صراخهم.

شعارات مستهلكة: لا يزال الخطاب يتحدث عن "استعادة الدولة" بينما الدولة تتفكك أكثر فأكثر.



---

2. الفشل الإداري والفساد المنهجي

الانهيار الاقتصادي في مناطق الشرعية جعل الناس تترحم على استقرار صنعاء.

الجبايات والفساد في المنافذ والسلطات المحلية أصبحت أكثر نهبًا من الحوثي نفسه.

انقطاع الخدمات الأساسية (كهرباء، مياه، رواتب) هو الواقع اليومي، بلا حلول تُطرح.



---

3. هشاشة التحالفات والانقسامات الداخلية

الشرعية تحولت إلى تحالف متنافر من مكونات متصارعة: الإخوان، الانتقالي، المؤتمر، السلفيون… وكلٌّ يعمل لأجندته.

غياب القيادة الموحدة والقرار السياسي أفرغها من قوتها.

حتى حلفاؤها في التحالف العربي باتوا يرونها أداة فاقدة للفاعلية.



---

4. الحوثي يستفيد: "استقرار زائف أفضل من فوضى واقعية"

الحوثي يقدم نفسه كسلطة أمر واقع: "نحن نحكم، نسيطر، ندير، ونتحمل المسؤولية"، بغض النظر عن قمعه.

استقر سعر الريال في صنعاء، وتم تقنين السوق، وكل ذلك يجعل البسطاء يقولون: "على الأقل في صنعاء ما فيش انفجار أسعار كل يوم"

الصورة العامة؟ الحوثي يبدو "أكثر دولة" من الشرعية، ولو بالقوة.



---

5. من ضحية إلى متهم

الشرعية كانت الضحية التي ساندها الناس في بداية الحرب.

اليوم أصبحت المتهم الأول بالفشل، والسبب الخفي في استمرار الحوثي.

جزء كبير من الشعب بات يرى أن الشرعية لا تريد الحسم ولا تحلم بدولة، بل تهوى استمرار الوضع الحالي لتعيش على هامشه.



---

خاتمة: هل يمكن استعادة الثقة؟

الثقة لا تُستعاد بالخطب، بل بإجراءات صارمة:

إعادة هيكلة الشرعية وتطهيرها من الفاسدين والمزدوجين.

نقل القيادة إلى الداخل.

تقديم نموذج إدارة فعالة في مناطقها.

خطاب جديد يعترف بالفشل ويقدم خطة وطنية.


وإلا؟
الناس ستستسلم لمعادلة بشعة: "الاستقرار تحت سلطة الحوثي، خيرٌ من حياة بلا كرامة تحت مظلة شرعية غائبة."
د/عبد القادر الخلي




شاهد ايضا


تحركات عسكرية ومقتل قيادي أمني تشعلان التوتر في طرابلس والداخلية تعلن ...

الثلاثاء/13/مايو/2025 - 12:25 ص

دعت وزارة الداخلية في حكومة الوحدة الليبية، الاثنين، جميع المواطنين في طرابلس للبقاء في منازلهم وعدم الخروج «حفاظاً على سلامتهم»، في الوقت الذي ترددت


هيئة الزكاة الحوثية.. نهب منظم لأموال المواطنين ...

الإثنين/12/مايو/2025 - 10:32 م

أفرغت مليشيات الحوثي الإرهابية، القيمة التكافلية للزكاة من مضمونها وحولتها إلى وسيلة للنهب والسلب، وفرض جبايات كبيرة على المواطنين، وتخصيصها لعناصر ال


روسيا وبولندا عندما تنتهي المصالح... ...

الإثنين/12/مايو/2025 - 09:57 م

قالت موسكو إن بولندا اختارت معاداة روسيا بقرارها إغلاق القنصلية الروسية في كراكوف، اليوم الاثنين، وتعهدت بالرد "بشكل مناسب" على هذه الخطوة. وقال المتح