مقالات صحفية


الطوفان جدار الصدّ

الأربعاء - 09 أبريل 2025 - الساعة 11:31 م

أحمد عبدالملك المقرمي
الكاتب: أحمد عبدالملك المقرمي - ارشيف الكاتب


كانت مصر و الشام، و عين جالوت جدار الصدّ و الظفر !
انطلق التتــــــار كالإعصــار من موطنهم منغوليا ، و راحوا يكتسحون ما أمامهم من ممـــالك ، و دول، و إمــارات عربيـة و إسلامية متناثرة، حتى أسقطوا بغـــــداد عاصمة الخـــلافة العباسية؛ بينما وقفت تلك الدويلات متفرجة للخطر الداهم الذي يزحف باتجاه بغداد الرمز؛ حيث لم يكن لمسمى الخلافة ـ حينها ـ غير الإسم فيما الواقع أن كل صـقع ، أو ناحيـــة ، قد نشــأت فيها دولة ، أو قامت فيها إمارة لا ترابط بينها، و لا صلة بعاصمة الخلافة، غير الرمز الصوري.

لم يتوقف التتار أو المغول عند إسقاط بغداد ، بل مضوا بعدها يكتسحون ممالك و إمارات الشام؛ مُسَخِّرين كل منطقة أو مملكة سقطـت ضـد شقيقتهـا، و مستخدمين كل إمــــارة استسلمت للقتال مع المغول ضد الإمارة التي تليها.

المخجل، و الأمر المخزي أن معظم تلك الدويلات تسابقت للاستسلام و دعم التتار ، و كل أمير مستسلم ـ على امتداد المساحة من حدود الصين حتى فلسطين ـ كان يظن أنه سينال باستسلامه، و خضوعه، و انبطاحه حظوة و مكانة عند التتار، لكن أوهـامهم ، و خيـاناتهم قادتهم إلى مصـــارعهم ،و كان كل مستسلم في اليوم الأول يصبح ضحية مُهَاناً في اليوم التالي بعد أن يكون التتار قد قضى منهم وطره !

لجأ كثير من أهل الشــــــام، و أحرارهـــــا إلى مصر لما رأوا أمراءهم و ملوكهم يتسابق معظمهم لبيع الممالك والمواقف للتتار.

و كانت مصر آخر جدار مَرْجُوّ لِصدّ التتار، و لو أنها انكسرت يومها لانســــاح التتار في كل شمال أفريقيــــا ؛ لأن حال دولها و إماراتها كان نسخة في ضعفه و تفككه من ممالك، و إمارات المشرق :

أسمــاء مملكــة في غير موضعها
كالهر يحكي انتفاخا صولة الأسد

فهل صمد جــــدار الصــد المرجو في مواجهة التتار أم سلك مسلك سابقيه انهيارا، و استسلاما، و خيانة ؟! تحت ذريعة : خلونا نعيش ! دعونا نأكل عيش.. ما جـدوى المقــاومة ؟ من بمقدوره أن يهزم التتار؟

و كان لمصر، و مَن تَجَمّع فيها من أحرار الشام الذين لجؤوا إليها موعدا مع التتار.

تضـافر الجهد الشعــــــبي الذي تميز بالحمــاس و الشــعور بالمسؤولية،و الذي أذكى أواره ، و تصدر مهامه العالم المجاهد العز بن عبد السلام، مع الحنكة السياسية و العسكرية التي قادها السلطان المملوكي المظـفر سيـف الدين قطز ، و تعبأت الروح المعنوية، و لم ينتظر المظفر قطز وصول جحافل التتار إلى أرض الكنانة ـ مصر ـ بل بادر بجيشه بالتوجه نحو ـ الأرض المباركة ـ فلسطين.

و هناك كانت معركة من أجَلّ معارك التاريخ الإسلامي، و من أعظمها ؛ معركة عين جالوت في الخامس و العشرين من شهر رمضان من العام 658 من الهجرة، التي ألحقت بالتتار الهزيمة الماحقة، و كان جـدار الصــد عند مستوى ما كانت ترجوه منه الأمة و تأمله.

و لو لم يقيض الله للأمة ذلك الجدار الذي وضع حدا للتتار لاجتاحوا ما تبقى من دول العالم العربي و الإسلامي في قارة أفريقيا.

و اليــــــــوم ..!!
يمثل رجال الطوفان، و تمثل غزة و الضفة جدار الصد لمغول العصر، و تتار الحاضر.

إن المقـاومة الفلسطينية هي من تمثل بكل وضوح جدار الصد تجاه التوحش و الهمجية الصهيونية، و لو استمر خذلان هذا الجدار ، و ترك وحيدا، ثم تصدع، لأصبح كل ما وراءه من أقطار لقمة سائغة لشذاذ الآفـاق من الصهيونيين المجرمين ؛ و لانساحوا يعربدون مع حلفائهم ؛ في كل عواصــم الصـمت ، و الخيبة و التخاذل.




شاهد ايضا


ندوة في باريس تح«الشراكة الاستراتيجية السعودية ــ الفرنسية» ...

الأربعاء/30/أبريل/2025 - 11:37 م

تحت عنوان �الشراكة الاستراتيجية السعودية ــ الفرنسية على ضوء رؤية المملكة 2030�، استضافت دارة سفير السعودية في فرنسا وإمارة موناكو، فهد الرويلي، ندوة


ماذا استهدفت الطائرات البريطانية في أول عملية مشتركة مع أمريكا في اليم ...

الأربعاء/30/أبريل/2025 - 11:04 م

أعلنت وزارة الدفاع البريطانية، في بيان صدر فجر الأربعاء، أن القوات الجوية الملكية نفذت في 29 أبريل 2025 عملية عسكرية مشتركة مع القوات الأمريكية استهدف


"بيور هاندز" تفتتح مدرسة جديدة في مأرب لخدمة مئات الطلاب. ...

الأربعاء/30/أبريل/2025 - 09:15 م

افتتحت منظمة "بيور هاندز" صباح اليوم مدرسة "سنا فاونديشن" الأساسية في حي الشركة شمال شرق مدينة مأرب، بتمويل من مؤسسة سنا فاونديشن، وتنفيذ وإشراف المنظ