خزاعة.. بلدة فلسطينية يمسحها الاحتلال الإسرائيلي بالكامل
السبت - 31 مايو 2025 - 11:36 م
أحدث العالم ــ المركز الفلسطيني
في الزاوية الجنوبية الشرقية من خانيونس جنوب قطاع غزة، تقع بلدة خزاعة، إحدى أكثر المناطق التي تعرضت للتدمير الشامل خلال الحرب الإسرائيلية المستمرة منذ أكتوبر 2023.
البلدة التي كانت يومًا رمزًا للبساطة والحياة الريفية الآمنة، أُعلنت رسميًا صباح السبت 31 مايو “منطقة منكوبة بالكامل”، في مشهد يلخص ما تعانيه غزة من دمار ممنهج وحرب إبادة جماعية مستمرة.
من بلدة زراعية إلى مدينة أشباح
على مدى أشهر، استهدفت الطائرات الإسرائيلية أحياء البلدة بالقصف المتواصل، ثم توغلت القوات البرية بآلياتها الثقيلة، لتشرع في تدمير ممنهج للمباني، المنازل، والطرق، وصولًا إلى محو كل مظاهر الحياة.
ما تبقى من خزاعة لم يعد صالحًا للعيش؛ لا مياه، لا كهرباء، لا مستشفيات، لا مدارس، ولا حتى ممرات آمنة، حتى الهواء بات محملًا بالغبار ورائحة الموت.
“منطقة منكوبة بالكامل”
في بيان رسمي، قالت بلدية خزاعة: “نعلن أن البلدة أصبحت منطقة منكوبة بالكامل، نتيجة للاستهداف المباشر والمتواصل الذي طال مختلف مكونات الحياة فيها”.
البيان أشار إلى أن “آلة الحرب الإسرائيلية سوّت منازل البلدة ومرافقها الصحية والتعليمية بالأرض، كما دمرت الطرق والبنى التحتية وأخرجتها عن الخدمة”، مشددًا على أن “الفلسطينيين أجبروا على النزوح من البلدة تحت القصف والنيران الإسرائيلية”.
وأكّد البيان أن ما يحدث في خزاعة “يشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني”، مضيفًا أن “حجم الدمار فاق كل التقديرات، ما يجعل البلدة خارج نطاق الخدمة بشكل كامل”.
نزوح جماعي.. ومسارات موت
شهادات ميدانية من شهود عيان، كشفت أن خزاعة، ومعها بلدات أخرى شرقية مثل القرارة وعبسان وبني سهيلا، تشهد عمليات نسف مستمرة للمنازل، يُستخدم فيها التفجير عن بُعد بعد إخلاء السكان بالقوة أو تحت تهديد السلاح.
تقول أم يوسف، نازحة من خزاعة: “لم نعد نملك شيئًا، خرجنا بأطفالنا فقط، المنزل، الذكريات، الملابس، الطعام… كل شيء تحوّل إلى غبار”.
النازحون من خزاعة يشيرون إلى أنهم اضطروا للمبيت في العراء، أو في مدارس حكومية متداعية، في ظل نقص الغذاء والدواء وغياب أي دعم إنساني فعّال.
صمت العالم… شريك في الجريمة
ما جرى في خزاعة، بحسب البيان الرسمي للبلدية، ليس حادثًا عرضيًا، بل “جريمة ممنهجة ضمن سياق حرب الإبادة الجماعية التي تتعرض لها غزة بدعم أمريكي مطلق”.
وأضاف البيان أن “السكوت الدولي المتواصل على الجرائم الإسرائيلية يُعد مشاركة في الجريمة، ويؤسس لسابقة خطيرة في القانون الدولي”.
وفي الوقت الذي تطالب فيه البلدية بتدخل عاجل من المجتمع الدولي، لا تزال المؤشرات على الأرض تنذر بمزيد من التصعيد، خاصة في المناطق الشرقية لقطاع غزة، التي تحوّلت إلى ساحات دمار شاملة.
من خزاعة إلى غزة.. مأساة مستمرة
خزاعة ليست وحدها في هذه المأساة، منذ اندلاع الحرب في 7 أكتوبر 2023، حصدت العمليات الإسرائيلية أرواح أكثر من 178 ألف فلسطيني بين قتيل وجريح، بحسب وزارة الصحة في غزة، إضافة إلى أكثر من 11 ألف مفقود، وتهجير أكثر من 1.7 مليون شخص.
وتشير تقارير أممية وحقوقية إلى أن نسبة كبيرة من الضحايا هم من النساء والأطفال، فيما تستمر إسرائيل في استهداف المستشفيات ومراكز الإيواء وحتى قوافل الإغاثة.
خزاعة لن تُنسى
في رواية الألم الفلسطينية، تسطّر خزاعة فصلًا جديدًا من الوجع الجماعي، بلدة أُفرغت من سكانها، وضُربت في إنسانيتها، وتحولت إلى أنقاض صامتة.
لكن في هذا الصمت، يسمع الفلسطينيون صوتًا آخر: صوت الذاكرة، وصوت الحقوق، وصوت من لا يزال يقاوم بالوجود ذاته، وإن مسحت خزاعة كبلدة، فإنها ستبقى شاهدًا على الجريمة، وشعلةً في سجل التاريخ الفلسطيني الذي لم يتوقف عن المقاومة.