الأسرار العسكرية..الحفاظ عليها أمانة والبوح بها خيانة

السبت - 17 مايو 2025 - الساعة 09:42 م

الكاتب: فايز الحماطي - ارشيف الكاتب

في زمن الحرب، الكلمة قد تُقتل قبل أن تُقال، والتسريب أخطر من الرصاصة، فالأسرار العسكرية لم تكن يومًا شأنًا عابرًا، بل هي أمانة ثقيلة في عنق كل جندي، وكل قائد، وكل فرد يعمل ضمن المنظومة العسكرية والأمنية والسياسية.
إن حفظ أسرار المعركة، والتكتم على تفاصيل العمليات، والانضباط في تداول المعلومات، ليست ترفًا، بل واجبًا وطنيًا مقدسًا.

لا تبوح، لا تهمس، لا تلمّح!
بهذه القاعدة يجب أن يؤمن كل منتسب للمؤسسة العسكرية، فالمعلومة التي قد تراها بسيطة أو غير مهمة اليوم، ربما تكون كفيلة بإسقاط جبهة كاملة غدًا، أو بفضح خطط وتحركات وحداتنا أمام العدو، فيكسب بذلك معركة لم يخضها بعد.

وفي عصر وسائل التواصل الاجتماعي، لم يعد الخطر قادمًا فقط من الجواسيس أو الأعداء المباشرين، بل من التسرع في نشر الأخبار العسكرية دون وعي أو مسؤولية.
كم من تغريدة أو منشور عفوي كشف مواقع، أو أربك تحركات، أو أدّى إلى استهداف مباشر لوحدات ميدانية!

إن نشر الأخبار المتعلقة بالعمليات أو الإنجازات أو حتى الخسائر يجب أن يُترك للجهات الرسمية المخوّلة وحدها، فهي الأدرى بموعد وكيفية إعلانها، بما يحقق المصلحة العامة ويحفظ أمن القوات على الأرض.

كما أنه يجب التنبيه وبكل وضوح إلى أن الحديث في الشؤون العسكرية، سواء في وقت الاتصالات أو خلال التواصل الاجتماعي، أمر بالغ الخطورة.
فالخوض في المهام، أو ذكر تفاصيل التحركات، أو حتى التلميح لخطط مستقبلية، قد يُعرّض صاحبه ومن معه للخطر المباشر، ويُسهل للعدو مهمته في التتبع والاستهداف.

الأسرار العسكرية أمانة والبوح بها خيانة!
ومن لا يصون الأمانة، فقد خان الثقة، وعرّض وطنه ومؤسسته للخطر.
إن الانضباط في حفظ السر العسكري هو ركيزة من ركائز النصر، ووسيلة من وسائل حماية الأرواح والمقدرات.

فلنتذكر دومًا أن الصمت أمان، وسرك سلاحك، وأن الوطن لا ينتصر بالسلاح فقط، بل أيضًا برجال يعرفون متى يتكلمون… ومتى يصمتون.

بقلم: العقيد / فايز الحماطي