الهجري يُحاكم إيران أمام برلمانات الدول الإسلامية ويؤكد أن من يقتل شعبه لا يمكن أن ينصر غزة
السبت - 17 مايو 2025 - 11:23 م
أحداث العالم_ متابعات
وقف النائب عبدالرزاق الهجري كالطود، كما يفعل دوما حين يتعلق الأمر بمصير اليمن وكرامة شعبه، ليواجه ممثل إيران في مؤتمر اتحاد مجالس الدول الأعضاء بمنظمة التعاون الإسلامي المنعقد في جاكرتا. لم تكن كلمته مجرّد خطاب بروتوكولي، بل أقرب إلى محاكمة سياسية علنية لطهران ودورها التخريبي في اليمن.لم يحضر الهجري بصفته الحزبية كرئيس للكتلة البرلمانية للتجمع اليمني للإصلاح، بل كرئيس للوفد الرسمي لليمن، يحمل مسؤولية تمثيل الدولة ومصالح شعبها، لا لمجرد تلبية دعوة أو سد فراغ. لقد كان الصوت الذي عبّر بحق عن تطلعات اليمنيين في المحافل الدولية.برباطة جأش وثقة كاملة، تحدّث الهجري عقب كلمة ممثل طهران، موجّهًا أنظار الحاضرين إلى خطاب لا يمت بصلة للدبلوماسية التقليدية، بل أشبه ببيان إدانة ومرافعة سياسية ضد النظام الإيراني، حين قال بوضوح: "إيران تقف خلف دمار اليمن، وكل اليمنيين يرفضون مليشيات الحوثي الإرهابية المدعوم منها". تفكيك السردية الإيرانيةادعاء طهران بأن جماعة الحوثي تحظى بقبول شعبي واسع، هو في جوهره محاولة لتبرير تدخلها المباشر، وتقديم المليشيا كـ"امتداد شعبي شرعي"، غير أن الحقيقة التي أكدها الهجري أمام ممثلي برلمانات الدول الإسلامية، أن الحوثي لا يحظى بأي شرعية شعبية، ولا يملك إلا السلاح والدعم الإيراني.وهذا ما تؤكده تقارير فريق الخبراء التابع لمجلس الأمن، وبالتالي، فإن الحديث عن "قبول شعبي" هو مغالطة لا تصمد أمام الواقع الميداني أو التقييمات الأممية.لم يصمد زعم المندوب الإيراني بأن "غالبية اليمنيين يقفون مع الحوثيين" طويلًا، حتى جاء الرد من الهجري لا ليفنّد الإدعاء فقط، بل ليقدّم تفكيكا عميقا للبروباغندا الإيرانية التي طالما روّجت لأكاذيبها على الساحة الدولية.يعرف الهجري تماما معنى التمثيل الشعبي بصفته نائبا منتخبا بإرادة حرّة، وبالتالي فهو يُجسّد صوت الناس، وما يقوله يُعبّر عنهم وعن شرعيتهم، على عكس الحوثي الذي لا يعرف شيئا عن صناديق الاقتراع ولا يؤمن بها أصلا، ما يجعل مغالطة طهران بشأن دعم "معظم اليمنيين" له مجرّد أكذوبة تقف على سيقان دجاجة.أسس خطاب النائب الهجري لسردية واضحة بشأن طبيعة الصراع في اليمن، كاشفًا زيف الدعاية الإيرانية، ومؤكدًا أن إرادة اليمنيين لا يمكن أن تُختطف أو تُصوّر باسم "التمثيل" الزائف.
مسؤولية طهران عن إطالة أمد الحربلم يتحدث الهجري عن اتهام سياسي، بل وصف التدخل الإيراني بأنه جريمة مكتملة الأركان بحق الشعب اليمني، وضع إيران في موقع المساءلة لا النقاش قائلا: "ما تقدمه إيران من دعم بالسلاح والمال للحوثيين ليس تهمة، بل حقيقة ثابتة لدى العالم كله".هذه الحقيقة لم تعد محل تشكيك، فقد وثّقت تقارير لجنة الخبراء التابعة للأمم المتحدة، منذ سنوات وحتى اليوم، أدلة دامغة على تورط إيران في تهريب الأسلحة إلى الحوثيين، بما في ذلك الطائرات المسيّرة، والصواريخ الباليستية، وأجهزة التوجيه الدقيقة، وغيرها من التقنيات العسكرية.ولم يقتصر الدعم الإيراني على الجانب العسكري فحسب، بل شمل كذلك تدريب عناصر حوثية داخل إيران ولبنان، وتقديم دعم لوجستي واستخباراتي، ما أدى إلى تصعيد العنف وعرقلة كل فرص السلام، بما في ذلك تلك التي رعتها الأمم المتحدة في ستوكهولم والهدنة التي تلتها.بهذا، فإن حديث الهجري لا يُعبّر فقط عن موقف دولة متضررة من الدور التخريبي الإيراني، بل يكشف عن البُعد الإقليمي والدولي للصراع في اليمن، ويحمّل طهران المسؤولية الكاملة عن إطالة أمد الحرب، وتهديد أمن الملاحة الدولية، واستمرار معاناة اليمنيين تحت سطوة ميليشيا تتغذى على الدعم الخارجي وتتنكر لحقوق مواطنيها. محاصرة طهران دبلوماسيامن اللافت في خطاب النائب الهجري، دعوته الصريحة إلى تحرك برلماني إسلامي موحد لإدانة التدخل الإيراني في اليمن، وهي رسالة ذكية ومباشرة لبناء محور ضغط سياسي داخل المنظومة الإسلامية، يعيد الاعتبار للقضية اليمنية في بعدها القومي، ويخرجها من هامش التجاهل الدبلوماسي والمساومات الإقليمية.قدّم الهجري ما يمكن وصفه بوثيقة اتهام سياسية واضحة ضد إيران، مدعومة بحقائق ميدانية ومواقف أممية، حمّل فيها طهران المسؤولية الكاملة عن تأجيج الصراع، وإطالة أمد الحرب، وتقويض فرص السلام في اليمن. بهذا الدفاع الموثق بالأدلة، لا يدافع الهجري فقط عن رواية الشرعية، بل يعيد التموضع السياسي لليمن داخل المنظومة الإسلامية، بعد سنوات من التهميش الناتج عن الصراعات الجانبية وتراجع الحضور الدبلوماسي.إن ما فعله الهجري هو تجسيد لما يجب أن يكون عليه الخطاب الرسمي في المرحلة القادمة: هجومي، صريح، قانوني، يستند إلى قرارات مجلس الأمن ومواثيق الأمم المتحدة، ويطالب بمواقف لا بمجرد تضامن ولا يخشى تسمية الأشياء بأسمائها