توزيع مساعدات غذائية لـ2800 أسرة نازحة في مأرب ضمن منحة سعودية
الثلاثاء - 15 يوليو 2025 - 02:26 ص
أحداث العالم ـ متابعات
في خطوة إنسانية تعكس عمق العلاقات الأخوية بين المملكة العربية السعودية واليمن، دشّنت السلطات المحلية في محافظة مأرب توزيع مساعدات غذائية مقدمة ضمن منحة إنسانية من المملكة العربية السعودية، عبر الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين، والتي تستهدف أكثر من 2800 أسرة من الأسر الأشد احتياجًا، من النازحين والمجتمع المضيف.
جاء ذلك خلال فعالية التدشين التي حضرها وكيل محافظة مأرب الدكتور علي الفاطمي، حيث عبّر عن شكره وتقديره للمملكة العربية السعودية قيادةً وشعبًا على هذا الدعم المستمر الذي يقدم لليمن في مختلف المجالات، لا سيما في الجانب الإنساني والإغاثي الذي يمس حياة الملايين من المتضررين جراء الحرب والنزوح المستمر منذ سنوات.
وخلال الفعالية، استمع الوكيل الفاطمي إلى شرح تفصيلي من مدير الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين الأستاذ سيف مثنى، حول تفاصيل المشروع وآلية التوزيع، والمعايير التي تم اتباعها في اختيار المستفيدين. وأوضح مثنى أن المنحة السعودية تشمل توزيع سلال غذائية متكاملة تحتوي على المواد الأساسية، مثل الدقيق، الأرز، الزيت، السكر، البقوليات، وغيرها من الاحتياجات الغذائية الضرورية.
وأشار إلى أن الـ2800 أسرة المستفيدة تم اختيارها بعناية من بين الفئات الأكثر ضعفًا وهشاشة في المجتمع، وغالبيتها من الأسر التي لم تحصل على أي دعم غذائي في السابق من قبل برنامج الغذاء العالمي أو منظمات الإغاثة الدولية الأخرى، ضمن قاعدة بيانات تضم أكثر من 86 ألف أسرة لا تزال بانتظار الحصول على مساعدات عاجلة.
في تصريحاته خلال الفعالية، أكد الوكيل الفاطمي على أهمية هذا النوع من التدخلات الإنسانية، خصوصًا في الجانب الغذائي، في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها الأسر النازحة والمجتمعات المستضيفة. وقال:
"إن هذه المبادرة تأتي في وقت تعاني فيه آلاف الأسر من شبح الجوع وانعدام الأمن الغذائي، وتفتقر إلى أبسط مقومات الحياة. ومثل هذه المشاريع تسهم بشكل مباشر في التخفيف من المعاناة وتعزيز صمود المواطنين في وجه التحديات اليومية."
كما أشار إلى أن محافظة مأرب تحتضن أكثر من 68% من إجمالي أعداد النازحين في اليمن، ما يشكل ضغطًا كبيرًا على البنية التحتية والخدمات، ويتطلب جهودًا كبيرة من الجهات الحكومية والمنظمات الإنسانية لتلبية الاحتياجات المتزايدة للسكان.
أشاد المسؤولون المحليون بالدور البارز الذي تقوم به المملكة العربية السعودية، سواء من خلال مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية أو عبر المنح المباشرة، في دعم الشعب اليمني منذ بداية الأزمة. وأكدوا أن هذا الدعم المتواصل يعكس حرص المملكة على استقرار اليمن والتخفيف من معاناة مواطنيه، ويُعد تجسيدًا حقيقيًا لمبدأ الأخوة والجوار.
وقال سيف مثنى إن المملكة العربية السعودية لم تدخر جهدًا في تقديم الدعم لليمن، سواء في المجال الغذائي أو الصحي أو التنموي، مشيرًا إلى أن هذه المنحة الجديدة تأتي في إطار سلسلة من المبادرات التي أطلقتها الرياض استجابة للاحتياجات الإنسانية المتزايدة في اليمن.
أوضح المسؤولون أن عملية توزيع المساعدات الغذائية تمت وفق آلية مدروسة تضمن الشفافية والعدالة، حيث تم الاعتماد على بيانات محدثة جمعتها الوحدة التنفيذية خلال الأشهر الماضية، بالتعاون مع المجالس المحلية ولجان المجتمع، لضمان إيصال المساعدات إلى المستحقين الفعليين.
وشدد القائمون على المشروع على أهمية الدور المجتمعي في الإبلاغ عن أي خلل أو تجاوز، وأكدوا أن هناك آليات شكاوى واستفسارات مفتوحة لاستقبال ملاحظات المواطنين وضمان سير العمل بطريقة نزيهة وعادلة.
في مخيم الجفينة، أحد أكبر مخيمات النازحين في مأرب، عبّر العديد من المستفيدين عن شكرهم وامتنانهم لهذه المساعدات التي وصفوها بـ"المنقذة" في ظل الأوضاع المعيشية المتردية. تقول أم محمد، وهي أرملة نازحة من محافظة الحديدة:
"منذ شهور لم نحصل على أي سلة غذائية. أطفالي كانوا ينامون جائعين أحيانًا. هذه السلة جاءت في الوقت المناسب وساعدتنا على البقاء."
ويضيف أحد الشيوخ في مخيم الميل
"نحن نقدر هذا الدعم الذي تقدمه المملكة العربية السعودية، ونتمنى استمرار مثل هذه المشاريع التي تساعدنا على الصمود وسط هذه الظروف القاسية
رغم أهمية هذه المبادرة، طالب عدد من الناشطين والمهتمين بالشأن الإنساني بضرورة توسيع نطاق هذه المساعدات لتشمل آلاف الأسر التي لا تزال تنتظر دورها في الحصول على الدعم الغذائي. كما دعوا المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته الإنسانية تجاه الشعب اليمني، الذي يعيش واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.
أعرب مدير الوحدة التنفيذية سيف مثنى عن تقديره للجهود التي يبذلها فريق العمل الميداني، رغم التحديات الأمنية واللوجستية. وأكد أن الوحدة تسعى دومًا إلى التنسيق مع الجهات المانحة والسلطات المحلية لتحديث قاعدة البيانات وتغطية أكبر عدد ممكن من الأسر المحتاجة.
وأشار إلى أن التحديات كثيرة، خاصة مع اتساع رقعة النزوح وغياب الدعم المنتظم من بعض المنظمات، إلا أن الروح الوطنية والتكاتف المجتمعي يسهمان في التغلب على هذه الصعوبات.
تشكل مبادرة توزيع المساعدات الغذائية لـ2800 أسرة في مأرب بادرة إنسانية هامة في وقت يتصاعد فيه الاحتياج الغذائي بين النازحين والفئات الأكثر ضعفًا. وتأتي هذه الخطوة ضمن سلسلة من التدخلات السعودية الداعمة لليمن، والتي تُعد شريان حياة لآلاف الأسر في ظل تراجع التمويل الإنساني الدولي وتفاقم الأزمة.
