مقالات صحفية


اليمن في قلب الشرق الأوسط... قضية مؤجلة أم أولوية استراتيجية؟

الخميس - 15 مايو 2025 - الساعة 01:38 ص

حبيب الحميري
الكاتب: حبيب الحميري - ارشيف الكاتب



في خضم التحولات السياسية الكبرى التي يشهدها الشرق الأوسط، وتحت وطأة التنافس الدولي والإقليمي على النفوذ، تبرز أسئلة جوهرية حول موقع اليمن من خارطة الصراعات والتسويات.
هل لا يزال حاضنًا للصراع الإقليمي، أم بات ملفًا مؤجلًا ضمن أولويات أكثر إلحاحًا؟ وهل تقوده المملكة العربية السعودية في طريق الاستقرار التدريجي بعيدًا عن صخب الملفات الأخرى؟

- القيادة الشابة وصعود النفوذ السعودي
يتحدث الأمير محمد بن سلمان عن أهمية الاستقرار في المنطقة، وحلحلة المشكلات، والدعوة إلى تسويات بين الأطراف المتنازعة.

في زيارة ترامب الأخيرة، برز قائد العرب الأمير محمد بن سلمان، لكسبه ودّ السوريين، بفضل ترامب أولًا، وبفضل صدق النوايا التي أظهرها حين شعر أن سوريا تستحق حياةً أفضل من الفوضى.

وتعود السعودية بمكاسب عظيمة تحققت على يد أميرها الشاب، كما يصفه الكثيرون، فالقيادة الشابة أصبحت نموذجًا ناجحًا في الشرق الأوسط؛ ابتداءً من تميم، وصعودًا بالأمير محمد بن سلمان، وارتقاءً بالرئيس أحمد الشرع.

- أقتصاد الخليج يعيد تشكيل التخالفات الدولية.
السعودية تتجه نحو طريق التنمية والثراء، والاعتماد على مصادر دخل ثابتة كبديل عن النفط، بالإضافة إلى نهضة قريبة قد نراها على المستوى الدولي من الناحية التجارية والصناعية، فضلًا عن تعزيز مكانة السعودية إقليميًا ودوليًا في سلك الدبلوماسية والنفوذ السياسي المتزايد.

أما الولايات المتحدة، فهي رابحة من خلال تحويل رأس المال الكبير الذي يساهم في تنمية الاقتصاد الأمريكي، وتُمكنها من مواجهة الأزمات المالية الداخلية وتعويض الخسائر التي لحقت بها في إدارة بايدن، وكذلك الخسائر التي لحقت بإدارة ترامب خلال أول مائة يوم من حكمه.

من خلال الصفقات، يدرك ترامب أن لا خسارة تُذكر أمام هذا الكم من الفوائد التجارية والسياسية.
لقد عادت أمريكا إلى المنطقة عبر العقود التجارية بقوة، ودفعت بمنافسيها إلى الهامش، مُعلنةً لا مكان لهم في كعكتها بالشرق الأوسط، وأن النفوذ المسموح لهم سيكون في نطاق ضيق، كما سبق أن خُطِّط له قبل انفجار المنطقة، لا سيّما بعد محاولات الصين كسب موطئ قدم فيها، وهو ما تراه أمريكا مكسبًا خاصًا بها، لا يحق لغيرها مشاركتها فيه.

الشرق الأوسط بعد السابع من أكتوبر شكّل نقطة تحول؛ إذ خلقت أمريكا رغبة فعلية في منع دخول المنافسين، عبر الهيمنة، والقوة، والعنف، وبطرق غير أخلاقية، كسرت مبادئ النظام العالمي، من أجل شعار "أمريكا أولًا"، وجعلتها ترى نفسها "العالم الموجود"، والرأس والعقل المحرك لكل شيء.

لبنان، وسوريا، وفلسطين، واليمن، والعراق، كلها ملفات تم استخدامها في لعبة التنافس وتحقيق التوازن بين القوى الإقليمية.

إيران – وإن كانت خطرًا في نظر الولايات المتحدة – تُعد مشكلة "نافعة"، فواشنطن تتعامل معها في إطار إبقائها ضمن إمكانات محدودة وقيود مرسومة.

- سوريا بعد الاسد .. من يمسك بالخيوط ؟
أما سوريا، فبعد الأسد، تلوح في الأفق إدارة جديدة، تُدار فعليًا عبر تحالف سعودي تركي قطري، وتُشرف عليها الولايات المتحدة كقيادة عليا. لا قلق من أحمد الشرع، حتى وإن كانت له خلفية مظلمة، لأنه بات اليوم يرى مستقبله من خلال تحالفات قوية ودعم إقليمي موحد من أجل مصلحة ووطنية سورية.

وقد كان هذا الانفتاح، إلى جانب الإصرار السعودي والتركي والقطري، هو العامل الرئيسي لنجاح هذا التحول، خاصة بعد انفتاح القيادة السورية على الغرب، وكسبها ثقة ومحبة دول الخليج. وهذا أعطى سوريا فرصة حقيقية لرفع العقوبات وتحقيق أول خطوات "سوريا الكبرى".

فسوريا تُعد ذات أهمية استراتيجية للأمن القومي التركي، كما تمثل ساحة للعبة الصراع بين السعودية وإيران، لاسيما من حيث التغلغل الإيراني عبر الحوثيين، وهو ما تعتبره الرياض تهديدًا مباشرًا.

اليوم، لم تعد السعودية تُقاتل إيران بعيدًا عنها، بل أصبحت تمتلك "قلبًا نابضًا" بمحاذاة حدودها.

- غزة.. الجرح العميق وقطر اللاعب الصامت .
لا مكان للأغبياء.
غزة جرحٌ غائر، وألمٌ نحمله بعمق، لكن لا استغراب من أنها لم تكن في صدارة النقاشات السياسية أمام المشاريع الكبرى. فبينما كانت ملفات كبرى تُطرح، ظهرت غزة كقضية ثانوية ظاهرًا، رغم جوهريتها خفيًا. وقد لعبت قطر دورًا محوريًا، خاصة بجانب الملف الإيراني والنووي ومفاوضاته مع الولايات المتحدة.

صرّح ترامب علنًا: "لا مكان للسلاح النووي في إيران". وهي قضية حيّة، ليس لها مثيل، ولن تُحسم لصالح إيران في ظل وجود قادة شباب طموحين من السعودية وقطر، بالإضافة إلى قيادات في تركيا، ومستشارين يصنعون مشروعًا يهدف إلى خنق إيران.

إيران لا تزال تملك ذراعًا في اليمن، لكنها فقدت ذراعها في سوريا ولبنان، والذراع العراقي بات ينازع أنفاسه الأخيرة، محاطًا بقيود تركية وسورية.

لقد خسرت إيران بعد السابع من أكتوبر أكثر مما خسره الإسرائيليون والفلسطينيون معًا.

- اليمن... الحاضر الغائب.
اليمن اليوم، ورغم أنه من أهم القضايا في الشرق الأوسط، إلا أنه موضوع في أسفل سلم الأولويات الإقليمية. وهناك أسباب واضحة لذلك:
أولًا: لابتعاده النسبي عن إيران، ولقربه الإداري من المملكة، تحت احتواء محمد بن سلمان، وإن كان نسبيًا.
ثانيًا: لأن اليمنيين بطبيعتهم لا يقبلون بالهوية الفارسية، رغم كل محاولات إيران لإعادة تشكيلها.
ثالثًا: لأن الأولويات الاستراتيجية تتجه الآن نحو سوريا الأقرب لإيران، ويُنظر إلى ضرب الذراع الإيراني في اليمن كخطوة مؤجلة، ضمن استراتيجية طويلة المدى وصبورة، حتى وإن استغرقت وقتًا أطول.

إيران تختنق من تحالف القوى الإقليمية المتحد ضد مشروعها، بدعم أمريكي حقيقي، وبفضل المملكة وقيادتها الشابة.

- رهان على العقل العربي الشاب.

صحيح أن اليمن أصبح في أدنى قائمة الأولويات السياسية حاليًا، لكن في الاستراتيجية البعيدة المدى للمملكة، يبقى في صدارة الأولويات، وله أهمية كبرى لا تقل عن غيره.
سينتصر مشروع العقل العربي الشاب، بفطنته ودهائه، على المشروع الإيراني الصفوي، ويعيد للعرب زمام المبادرة.




شاهد ايضا


ثورة صناعية جديدة في السعودية: كوالكوم وأرامكو يوحدان الذكاء الاصطناعي ...

الخميس/15/مايو/2025 - 01:48 ص

أعلنت شركتا "كوالكوم تكنولوجيز" و"أرامكو الرقمية" عن اتفاق تعاون استراتيجي لتطوير حلول إنترنت الأشياء الصناعية المدعومة بالذكاء الاصطناعي. يهدف التعاو


انطلاق الكونغرس الـ87 للاتحاد الدولي للصحافة الرياضية في الرباط: مشارك ...

الخميس/15/مايو/2025 - 01:27 ص

تشارك الجمهورية اليمنية، ممثلة بـ الجمعية اليمنية للإعلام الرياضي، في فعاليات الكونغرس الـ87 للاتحاد الدولي للصحافة الرياضية (AIPS)، الذي تستضيفه العا


الوفدالبرلماني اليمني يشارك في مؤتمر التعاون الإسلامي بجاكرتا ويؤكد عل ...

الخميس/15/مايو/2025 - 12:10 ص

٤ شارك وفد مجلس النواب اليمني، برئاسة عبدالرزاق الهجري وعضوية سالم منصور حيدرة، في الجلسة الافتتاحية للدورة الـ19 لمؤتمر اتحاد مجالس الدول الأعضاء في