الهجمات الأمريكية.. وتقييم خسائر الحوثيين؟
الإثنين - 05 مايو 2025 - 07:56 م
أحداث العالم تقارير
لتقييم خسائر الحوثيين جراء الضربات الأمريكية، من المهم تحليل ردود أفعالهم بدقة، من حيث توقيت هجماتهم على أهداف إسرائيلية أو أمريكية ونوعيتها والمواقع المستهدفة، باعتبارها مرآة لفعالية الضربات الأمريكية.
وفي ظل الضبابية الإعلامية وتكتم مليشيا الحوثيين الشديد على طبيعة خسائرها، يمكن قراءة مؤشرات ميدانية وسلوكية تساعد في تقييم حجم ما تكبدته المليشيا من ضربات، خصوصا إذا لجأت، كما يُرجح، إلى تراجع تكتيكي لإعادة ترتيب قدراتها الدفاعية والهجومية، فهذا مؤشر على تعاظم الخسائر، ومحاولة لتفادي الاستنزاف المباشر الذي قد يؤدي إلى انهيار تدريجي يصعب تداركه.
وهذا التراجع قد يُترجم ميدانيا عبر تقليص نطاق الهجمات، أو إعادة انتشار محدود للقوات في مواقع أقل عرضة للاستهداف في حال أكدت ذلك مصادر محلية، وقد يترافق ذلك مع تحركات غير معلنة لفتح قنوات اتصال بوساطة إقليمية (عمانية مثلا)، في محاولة لتفادي التصعيد الأمريكي وتحاشي التدمير الشامل لما تبقى من القدرات العسكرية، خصوصا أن الحوثيين يدركون أن مرحلة الغارات الاستنزافية قد تتحول إلى معركة مباشرة تجردهم من القوة التي بنوها خلال سنوات الحرب.
وفي حال تطورت المواجهة إلى معارك برية في الداخل اليمني، فإن خسائر الحوثيين ستظهر بوضوح، فمن المتوقع أن تتجلى مظاهر الإنهاك العسكري من خلال تراجع المعنويات في صفوف المقاتلين، خصوصا في حال فقدان الغطاء الجوي أو الصاروخي الذي منحهم تفوقا نسبيا، كما أنه إذا اندحر أفراد المليشيا سريعا في مناطق الاشتباك المباشر سيكون ذلك مؤشرا قاطعا على هشاشة المليشيا، حين تُجبر على مواجهة خصومها في معارك برية من دون غطاء ناري أو تفوق لوجستي.
وكذلك الأمر فيما يتعلق بخسارة المليشيا الحوثية لقيادات بارزة جراء الضربات الأمريكية، فهذا لا يمكن تقييمه إلا في حال تبين غياب بعض القيادات لمدة زمنية طويلة، خصوصا القيادات التي عُرفت بكثرة الظهور الإعلامي، وستتعمد المليشيا تأجيل إعلان قتلهم لأغراض نفسية وتكتيكية واحتواء الصدمة داخل صفوفها، والاحتفاظ بهيكل رمزي لقيادة قد تكون بدأت تتآكل بفعل الضربات الأمريكية، لكن من المتوقع أن تكون الخسائر في القيادات محدودة، فالقيادات الرئيسية محصنة في مخابئ سرية وتغير أماكنها باستمرار، بينما الهيكل القيادي غير الرئيسي واسع ومتشعب، كما أنه عديم التأثير في أوساط المليشيا، وبالتالي فاغتيال بعض أفراده لا يمثل أهمية تُذكر.
في المحصلة، إن فاعلية الهجمات الأمريكية ضد الحوثيين لا تقاس بعدد الأهداف التي تم تدميرها، بل بمدى قدرتها على تعطيل قدرات المليشيا، وإرباك تحركاتها، واستنزاف بنيتها التنظيمية والمالية، ويتطلب ذلك اعتماد مقاربات تحليلية أكثر عمقا، تأخذ بعين الاعتبار ردود الفعل الحوثية، ومؤشرات التراجع العملياتي، وسياقات التصعيد الإقليمي بشكل عام.
فإذا توقف العدوان الصهيوني على قطاع غزة فجأة، ستتوقف هجمات الحوثيين لعدم وجود مبررات لها، وقد تتوقف بالتالي الهجمات الأمريكية ضد الحوثيين، وهو ما يعني أن الوضع العسكري للحوثيين ما يزال في طور الغموض، فالانتصارات الإعلامية مضللة، ونجاح إستراتيجية إضعاف الحوثيين لا تكمن في مشهد النصر اللحظي المزيف، بل في بناء توازن ردع طويل المدى يُضعف قدرة المليشيا على المبادرة والمناورة، سواء في سياق التصعيد الإقليمي، أو عودتها لإشعال معارك واسعة في الداخل.