ما هي خسائر الحوثيين في حال سقوط النظام الإيراني؟ "تحليل"
الجمعة - 20 يونيو 2025 - 12:14 ص
أحداث العالم ـ متابعات
لا شك أن ما تتعرض له إيران من قصف إسرائيلي واسع النطاق، وربما يتبعه تدخل عسكري أمريكي، سيلقي بظلاله على وضع المليشيات الطائفية التابعة لها في عدد من البلدان العربية، وفي مقدمتها مليشيا الحوثيين، التي تبدو اليوم الأكثر قلقا من مآلات ما تتعرض له راعيتها إيران من هجوم وإذلال قد يصل إلى تدمير برنامجها النووي تماما وإسقاط نظام حكم الولي الفقيه، الذي بسقوطه ستتأثر مختلف أذرع إيران أو ما بقي منها، وستتآكل قوة تلك الأذرع تدريجيا وربما تختفي من المشهد جراء توقف الدعم بالمال والسلاح والتدريب الذي كانت تزودها به طهران.
- علاقة الراعي والوكيل
وكانت مليشيا الحوثيين قد برزت كواحدة من أبرز أدوات إيران في تنفيذ إستراتيجيتها الإقليمية، التي تقوم على مبدأ "الدفاع الأمامي" وتحقيق النفوذ خارج الحدود، وكان الدعم الإيراني المقدم لها مشروعا متكاملا لتغيير التوازنات، يبدأ من اختبار الأسلحة الإيرانية ومواجهة خصوم طهران، وانتهاء بجعل الحوثيين من أكثر وكلاء إيران فاعلية، خصوصا لكون اليمن نقطة انطلاق محتملة لعمليات أوسع في البحر الأحمر وخليج عدن وبحر العرب ودول الخليج، ومنح إيران امتداد بحري غير مسبوق، بخلاف حزب الله اللبناني الذي كان مجرد أداة إيرانية ضد إسرائيل فقط.
وإذا كانت مليشيا الحوثيين قد حققت مكاسب إعلامية ودعائية على هامش العدوان الصهيوني على قطاع غزة، وكانت الرابح الأكبر من بين أذرع إيران التي انهار بعضها وتراجع دور البعض الآخر جراء الأحداث التي شهدتها المنطقة بعد عملية "طوفان الأقصى"، وكانت تظن أنها وصلت إلى مرحلة مراكمة المزيد من المكاسب التي ستجعل منها لاعبا إقليميا يدور في فلك إيران، وما سيوفره لها ذلك من مناعة عسكرية في الداخل، إلا أن التطورات الأخيرة وضعت تلك المكاسب على المحك، وبدأت بوادر الانهيار الفعلي تلوح في الأفق، لا سيما في حال سقوط نظام الولي الفقيه في طهران، وانكفاء أذرع إيران الإقليمية في أكثر من ساحة.
لقد بات واضحا أن الدعم الإيراني، الذي شكل شريان الحياة السياسي والعسكري للحوثيين، آخذ في التآكل، مما ينذر بخسارتهم أهم مصدر للتمويل والتسليح، وفقدانهم للغلاف الإقليمي الذي وفر لهم الحماية والشرعية الدعائية.
ومع تراجع النفوذ الإيراني، أو سقوط النظام، ستفقد مليشيا الحوثيين كثيرا من أوراقها التفاوضية والعسكرية، وستجد نفسها معزولة إقليميا، وأن ما كانت تعتقد أنه بداية لصعود إقليمي، قد يتحول في ضوء المستجدات الراهنة إلى بداية لانحدار يهدد بقاءها السياسي والعسكري مستقبلا.
- الخسائر العسكرية
تتمثل أبرز الخسائر التي سيتكبدها الحوثيون في حال سقوط النظام الإيراني أو إضعافه في الدعم العسكري، الذي مكنهم من تعزيز حضورهم الإقليمي خلال الأشهر الأخيرة، وقبل ذلك ضرب عمق الأراضي السعودية والإماراتية، فضلا عن دور ذلك الدعم في معارك الحوثيين في جبهات الداخل.
بدأت إيران بتسليح الحوثيين وتدريبهم منذ عام 2015، فأرسلت لهم صواريخ باليستية وكروز، ثم طائرات مسيرة بحلول عام 2017، وفقا لوكالة استخبارات الدفاع الأمريكية، واستُخدمت تلك الترسانة من الأسلحة في مهاجمة الخصوم وتهديد الملاحة الدولية في البحر الأحمر، كما كانت تلك الهجمات بمنزلة استعراض إيران لأسلحتها خارج حدودها.
ظلت إيران تهرب الأسلحة والمدربين والمستشارين العسكريين إلى مليشيا الحوثيين طوال سنوات عبر طرق تهريب بحرية وبرية، منها بحر العرب، وخليج عدن، والقرن الأفريقي، وعبر سلطنة عمان. وبين عامي 2013 و2024، صادرت الولايات المتحدة وشركاؤها 18 شحنة أسلحة مهربة للحوثيين.
بدأ الدعم بأسلحة خفيفة، ثم توسع ليشمل صواريخ باليستية، وصواريخ كروز، وطائرات مسيرة بعيدة المدى. وتقول وزارة الخارجية الأمريكية إن إيران أنفقت "مئات الملايين من الدولارات بين عامي 2012 و2020 لدعم مليشيا الحوثيين".
معقدة من التهريب والتحايل المالي. وفي حال سقوط النظام الإيراني، فإن هذه المنظومة ستنهار بالضرورة، مما يعني توقف التدفقات المالية التي اعتاد الحوثيون عليها.
وبالتالي فإن قدرة الحوثيين على الاستمرار في الحرب بنفس الوتيرة ستضعف تدريجيا، وسيتراجع حضورهم العسكري والدعائي، وربما أن ذلك قد يفتح المجال أمام انهيارات داخلية متسلسلة، ويعيد رسم خارطة التوازنات في اليمن بعيدا عن النفوذ الإيراني.