تراجع الدعم الإيراني يدفع الحوثيين نحو طريق مظلم
الأربعاء - 25 يونيو 2025 - 10:33 م
أحدث العالم ــ متابعات
منذ أكثر من عقد، تُحكم مليشيا الحوثي – ذات الجذور الزيدية الشيعية – قبضتها على العاصمة اليمنية صنعاء ومناطق واسعة من شمال البلاد، لا عبر شرعية شعبية أو إدارة مدنية، بل من خلال العنف والسلاح، مدعومة بشبكات تهريب وتوظيف ممنهج للمساعدات الدولية.
لكن مستقبل الجماعة اليوم يبدو على شفا تحولات حاسمة، في ظل ما تشير إليه تحليلات إقليمية ودولية من تراجع حاد في الدعم الإيراني، نتيجة تعقيدات المشهد الداخلي في طهران وتعدد جبهات الصراع الخارجية للنظام الإيراني.
تراجع التمويل الإيراني… بداية النهاية؟
إيران، التي لطالما استخدمت الحوثيين كورقة نفوذ في شبه الجزيرة العربية، تواجه ضغوطًا متزايدة على مختلف الأصعدة: من أزمات اقتصادية داخلية خانقة، إلى تقليص دعمها لحلفاء تاريخيين كحزب الله في لبنان ونظام الأسد في سوريا. وفي هذا السياق، بات تمويل الحوثيين عبئًا مكلفًا يُرجّح أن ينكمش، إن لم ينقطع تمامًا.
ومع اعتماد مليشيا الحوثي شبه الكامل على الإمدادات الإيرانية – سواء الأسلحة أو التمويل اللوجستي – فإن هذا الانكماش يضعها أمام تحدٍّ وجودي: كيف تستمر في حكم مناطق واسعة دون ميزانية تشغيل أو غطاء خارجي؟
الحديدة.. عقدة التمويل ومفتاح السيطرة
تعتمد المليشيا إلى حد كبير على ميناء الحديدة، الذي يُعد شريانًا اقتصاديًا يغذّي سلطتها. ومن خلاله، تُهرّب الأسلحة، وتُعيد توجيه المساعدات الدولية لخدمة قياداتها ومكافأة مقاتليها، بينما يُترك السكان المدنيون في براثن الفقر والجوع.
وفي حال فقدت الجماعة السيطرة على الحديدة، فإن قدرتها على جني العائدات الجمركية والتربّح من المساعدات الدولية ستنهار. وبدون دعم خارجي أو إيرادات محلية كافية، تزداد احتمالية انزلاق الجماعة إلى مسارات غير تقليدية لتأمين مصادر دخل جديدة.
هل يتجه الحوثي إلى “النموذج الصومالي”؟
أمام هذا المشهد القاتم، تبرز مخاوف من لجوء مليشيا الحوثي إلى خيار القرصنة البحرية، على غرار ما حدث في الصومال بعد انهيار الدولة، حين تحوّل الصيادون إلى قراصنة يجوبون المياه الإقليمية والدولية بحثًا عن سفن لاحتجازها وطلب الفدية.
وقد تتحول موانئ الصيد الصغيرة شمال الحديدة إلى بؤر انطلاق لعمليات مماثلة، مستهدفة السفن التجارية وناقلات النفط العابرة للبحر الأحمر وخليج عدن، ما ينذر بتهديد جديد للتجارة الدولية والممرات البحرية الحيوية.
الاحتمال الأخطر: تهريب المخدرات
بعيدًا عن البحر، ثمة خشية أخرى تتعلق باحتمال دخول الحوثيين عالم الجريمة المنظمة، كما فعل حزب الله اللبناني سابقًا، من خلال شبكات تهريب الهيروين والكوكايين من أفريقيا إلى أوروبا، عبر خلايا وشبكات شيعية ناشطة.
ومع ازدهار السوق الخليجي – لا سيما في السعودية – قد ترى مليشيا الحوثي في تجارة المخدرات مسارًا واعدًا لتمويل عملياتها، مستغلة شبكات تهريب قائمة أصلاً، ومتداخلة مع مناطق النزاع والفراغ الأمني.
المجتمع الدولي أمام تحدٍ جديد
المؤكد أن سقوط الحوثيين لا يعني نهاية تهديدهم. فالجماعات المسلحة بطبيعتها قابلة للتحول والتكيّف. وإذا لم تُواكب نهاية التمويل الإيراني بسياسات أمنية صارمة وتنسيق استخباراتي فعال، فقد يظهر الحوثيون مجددًا، لا كحركة متمردة، بل كشبكة إجرامية عابرة للحدود.
ويبقى السؤال الذي يفرض نفسه: هل يستعد المجتمع الدولي لهذا التحول؟ أم سيكتفي بالاحتفاء بتراجع النفوذ الإيراني دون الالتفات إلى ما قد ينبثق عنه من أخطار لا تقل فداحة؟