عربات جدعون تعلق في وحل خانيونس .. فشل ميداني ومقاومة تُربك الاحتلال
الخميس - 26 يونيو 2025 - 10:58 ص
أحداث العالم المركز الفلسطيني للاعلام
في وقتٍ انشغل فيه العالم بجولة التصعيد الإقليمي بين الاحتلال الإسرائيلي وإيران، ظلّت عين المقاومة في قطاع غزة مفتوحة لا تغفل، تترقّب، وتضرب في اللحظة التي تختارها.
كمين خانيونس مؤخرًا ليس مجرد اشتباك عابر، بل محطة استراتيجية كشفت هشاشة منظومة الاحتلال العسكرية، وعمق القدرة التنظيمية للمقاومة الفلسطينية التي صممت بنيتها على الثبات والتجدّد، لا على الأفراد مهما علت رُتبهم.
عربات جدعون… هجومٌ واسع يتعثر في الرمال
في إبريل 2025، أطلق الاحتلال الإسرائيلي عملية عسكرية موسعة في خانيونس تحت اسم “عربات جدعون”، مصحوبة بحملة دعائية ضخمة بشّرت بـ”الحسم القريب” والسيطرة على جنوب القطاع، شنّ الجيش هجمات جوية وبرية مكثفة، ممهّدًا لتوغل نخبوي شمل قوات من الفرقة 98 ولواء جولاني ووحدات خاصة، وغطاء ناري كثيف من سلاح الجو
غير أن هذا الاندفاع الهجومي قوبل بكمائن دقيقة وهجمات مقاومة متواصلة، أدت إلى تعطيل التقدم الإسرائيلي، وتكبيد الاحتلال خسائر بشرية ومادية فادحة.
ومع كل خطوة نحو عمق المدينة، كانت المفاجآت تنتظر قوات الاحتلال في أزقة خزاعة، والقرارة، وعبسان.
اغتيال القيادة لم يُسقط القيادة
أعلن الاحتلال زاعما تنفيذ اغتيالات استهدفت شخصيات رفيعة في كتائب القسام، من بينهم محمد السنوار، محمد شبانة، ومهدي كوارع، فيما وصفه بـ”ضربة نوعية تُحدث فراغًا قياديًا”. لكن المشهد الميداني كذّب التقديرات العسكرية الإسرائيلية
فرغم حجم الخسارة، ووزن القادة المستهدفين، واصل لواء خانيونس أداءه بفعالية غير منقوصة، معززًا معادلة “الدفاع المرن” التي وضعت في اعتبارها سيناريوهات الاستهداف قبل وقوعها، وهيكلت القيادة بشكل لا يتيح الفراغ أو الإرباك، عمليات المقاومة استمرت، بل تصاعدت، ووتيرة الرد زادت كثافة وتعقيدًا.
الكمين الذي صدم الاحتلال
في تطور ميداني بالغ الخطورة، تمكن مقاوم فلسطيني في 6 يونيو من تنفيذ كمين هندسي أدى إلى انهيار مبنى فوق قوة إسرائيلية مهاجمة، ما أدى إلى مقتل خمسة جنود وإصابة اثنين آخرين.
لم يكن هذا الحادث منفردًا، إذ وثّقت مشاهد مصورة مقاومين وهم يهاجمون جنودًا داخل مركبة عسكرية بعد فتح بوابتها، في اختراق صادم للمنطقة التي افترض الاحتلال أنها “مطهّرة” أمنيًا
لكن الضربة الأشد كانت إلقاء عبوة “شواظ” داخل ناقلة جند مدرعة، أسفرت عن احتراقها ومقتل سبعة جنود إسرائيليين بداخلها، في عملية وصفتها الأجهزة الأمنية الإسرائيلية بـ”المعقدة والمركبة”، لما عكسته من جرأة وتخطيط محكم وتطور في الأداء المقاوم.
خانيونس أعادت رسم المعادلة
وفي تعليقه على هذه التطورات، قال المحلل السياسي د. إياد القرا: “عملية خانيونس كشفت مجددًا حجم الورطة الصهيونية داخل قطاع غزة، فمقتل 7 من ضباط وجنود الاحتلال على يد مقاومين لا يملكون إلا أجسادهم وإرادتهم، أعاد رسم معادلة التفوق من جديد”.
وأشار القرا في تصريح لمراسلنا إلى أن هذه العملية سبقتها كمائن واستهدافات نوعية في خانيونس وجباليا، ما يؤكد أن “المعركة لم تنتهِ، وأن المقاومة ما زالت تملك القدرة والمباغتة”.
تابع: “نتنياهو، الذي عاد من حربه ضد إيران مدعيًا النصر، يقف اليوم عاجزًا أمام هزيمة موضعية في خانيونس، المدينة التي اقتحمها جيشه أربع مرات خلال عامين، وخرج منها في كل مرة مثقلًا بالخسائر”.
واختتم القرا تعليقه بالقول: “في خانيونس، دُفنت أوهام رئيس أركان الاحتلال تحت الرمال، واحترقت عرباته في الوحل الذي لا خروج منه دون ثمن”.
المقاومة… لا تنكسر
الوقائع على الأرض تؤكد أن البنية القتالية في غزة لا ترتكز على القادة، بل على منظومة لامركزية ذات عقيدة صلبة وتشكيلات احترافية، تجعل من استمرارية الأداء المقاوم أمرًا طبيعيًا حتى في أحلك الظروف.
لقد أثبتت المقاومة الفلسطينية، خصوصًا في خانيونس، أنها قادرة على إدارة معركة استنزاف طويلة، تتطور تكتيكيًا وتتكيف مع الميدان.
اليوم، بات واضحًا أن مشروع الاحتلال في “تحييد” غزة عسكريًا قد فشل مجددًا، وأن قطاع غزة لا يزال يحمل القدرة على إرباك حسابات تل أبيب، بل ويجبرها على إعادة حساب كلفة كل خطوة، وكل دبابة، وكل جندي، على رمال الجنوب المُلتهبة
