الصين والولايات المتحدة: هل تحوّل التلميذ إلى أستاذ؟
الثلاثاء - 01 يوليو 2025 - 06:09 م
احداث العالم ـ bbc
في عرض لافت من الصحف الغربية، تساءلت النيويورك تايمز إن كانت الولايات المتحدة قد بدأت تتعلم من الصين، بعد أن باتت الأخيرة منافساً اقتصادياً وتقنياً يحافظ على هويته السياسية. وفي الواشنطن بوست، انتقادات لسياسات التطوير العقاري الأمريكية التي حولت المدن إلى "صحارى مكتظة"، بينما حذّرت التايمز من أزمة نفسية محتملة تهدد المجتمعات بسبب فقدان الوظائف في عصر الذكاء الاصطناعي، حيث بات العمل جزءاً جوهرياً من معنى الذات لدى الأفراد.
ونتوقف بداية عند ما طرحه الكاتب سامي هاركام، في صحيفة نيويورك تايمز، من شواهد تاريخية تبيّن تقليد الصين للنموذج الغربي خلال فترة نهضتها الاقتصادية والعلمية، مع الحفاظ على هويتها ونظامها السياسي، لكنه يعقد مقارنة يلمح من خلالها إلى أن الولايات المتحدة في عهد ترامب وتيار "ماغا"، المؤيد لترامب والداعي إلى سياسات تُعلي من القيم الوطنية، أصبحت بطريقة ما تقلد النموذج الصيني!
يقول هاركام إن الصين أمضت عقوداً في محاكاة عناصر أساسية من النموذج الأمريكي في ريادة الأعمال والاستهلاك والتكامل مع الأسواق العالمية، وإن ذلك أسهم في جعل الصين قوة صناعية، ورائدة في العلوم والتكنولوجيا، وجعل الطبقة المتوسطة في الصين تتوسع أكثر. كل ذلك في الوقت الذي "تمسّكت الصين فيه بهويتها كأمّة"، إذ تبنّت جوانب من النهج الأمريكي مع التمسّك بنظامها القائم على هيمنة الحزب الشيوعي وتدخّل الدولة في كل شيء، وأفضى ذلك إلى تحقيقها "نجاحاً باهراً"، برأي الكاتب.
خمس أوراق رابحة قد تستخدمها الصين في حربها التجارية مع الولايات المتحدة
ويوضح الكاتب أن علاقة المحاكاة هذه بين الصين والولايات المتحدة تسير باتجاهين، فالولايات المتحدة في عهد ترامب تحاول محاكاة بعض الجوانب من التجربة الصينية، ويطرح في هذا السياق بعض الأمثلة..
يرى هاركام أن تيار "ماغا" المؤيد لترامب يتبنى دعوات مشابهة لما تدعو إليه الصين، إذ يدعو كلاهما إلى ترسيخ شعور قوي بالوطنية والقومية، إضافة إلى الهوس بالتصنيع، ومعاداة المهاجرين. كما "يريد الطرفان بلداً تخضع فيه الأقليات العرقية لهيمنة الأكثرية، وتُفرض فيه أدوار جندرية تقليدية".
الصين تسدّد ضربة "موجِعة" للولايات المتحدة عبر استخدام سلاح المعادن النادرة
كما أن الصين "تستخدم اقتصادها كسلاح لمعاقبة شركائها التجاريين"، وهو الأمر ذاته الذي تفعله إدارة ترامب، برأي الكاتب، عبر الضغط على حلفاء الولايات المتحدة عن طريق "الرسوم الجمركية التعسفية أو إجراءات انتقامية أخرى".
لا يُخفي الكاتب إعجابه بما حققته الصين خلال العقود الأخيرة، وذلك عبر سياسات صناعية واسعة الأفق، والتبني السريع للتكنولوجيات الجديدة، والتحول نحو الطاقة المتجددة، والمدن عالية التقنية، وشبكة الطرق المتطورة، والإنفاق الحكومي على التعليم والتكنولوجيا.
ويشدد الكاتب على أن نجاح الصين لم يكن مرتبطاً فقط بغياب الديمقراطية التي يراها البعض "عائقاً أمام تنفيذ الخطط"، بل ارتبط كذلك ببُعد نظر استراتيجي، واستثمار في المستقبل، وشعور وطني قائم على الوحدة لا الانقسام. وهو نموذج ينبغي على الولايات المتحدة تبني بعض جوانبه، مثل التحول للطاقة المتجددة، ودعم التعليم والبحث العلمي، والاستثمار في البنية التحتية، وتعزيز الشعور الجماعي بالوطنية.
إلا أن إدارة ترامب، برأي الكاتب، تعمل على "تقويض أو تخفيض التمويل المخصص لأمور حيوية"، مثل السلامة العامة والبنية التحتية والتعليم والطاقة النظيفة، إضافة إلى "تأجيج الانقسامات السياسية".
يختم الكاتب بالقول إن الولايات المتحدة من الممكن أن تتعلم من الصين، لكن عليها أن تجد طريقة لإنجاح ذلك مع الحفاظ على مبادئها الدستورية.