اتهمت وكالة أممية أكثر من 60 شركة دولية، بينها كبرى الشركات العاملة في صناعات السلاح والتكنولوجيا، بالتورط في دعم الاستيطان الإسرائيلي والعدوان الجاري في قطاع غزة، التي وصفتها بأنها "حملة إبادة".
التقرير الذي أعدّته فرانشيسكا ألبانيز، المقررة الخاصة المعنية بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، استند إلى أكثر من 200 بلاغ تلقّته من دول، ومنظمات حقوقية، وشركات، وأكاديميين.
ودعت ألبانيز، وهي موظفة أممية وحقوقية إيطالية، الشركات المتهمة إلى وقف جميع تعاملاتها مع إسرائيل، وطالبت بمساءلة مديريها التنفيذيين قانونياً بتهم تتعلق بانتهاك القانون الدولي.
وفي تقريرها المؤلف من 27 صفحة كتبت ألبانيز: "في الوقت الذي تُزهَق فيه الأرواح في غزة ويتصاعد العدوان في الضفة الغربية، يكشف هذا التقرير أن سبب استمرار الإبادة الإسرائيلية أنها مربحة لكثيرين"، وأضافت أن هذه الشركات "مرتبطة مالياً بمنظومة الفصل العنصري والعسكرة التي ينتهجها الاحتلال الإسرائيلي".
أما واشنطن فطالبت بعثتها لدى الأمم المتحدة في نيويورك الأمين العام أنطونيو غوتيريش بالتنديد بألبانيز، ودعت إلى إقالتها، معتبرة أن "استمرار صمت المنظمة مكّن المقررة الخاصة من مواصلة ما وصفته بالحرب الاقتصادية على كيانات في أنحاء العالم".
شركات السلاح والتكنولوجيا في مرمى التقرير
يتضمن التقرير الأممي تصنيفاً للشركات المتورطة بحسب مجالات عملها، لا سيما في القطاعين العسكري والتكنولوجي، دون أن يوضح بشكل دائم ما إذا كان دعم هذه الشركات مرتبطاً مباشرة بالاستيطان أو بالحرب على غزة.
وبحسب التقرير، تواصل نحو 15 شركة مع مكتب المقرّرة الخاصة فرانشيسكا ألبانيز، لكن لم تُنشَر ردودها.
ومن أبرز الأسماء التي أوردها التقرير، شركتا تصنيع الأسلحة لوكهيد مارتن الأمريكية وليوناردو الإيطالية، إذ أشار إلى أن منتجاتهما استُخدمت في العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، كما اتهم التقرير شركات موردة للمعدات الثقيلة، مثل كاتربيلر وإتش دي هيونداي، بأن آلياتها استُخدمت في تدمير ممتلكات فلسطينية.
وفي ردها على التقرير، صرّحت لوكهيد مارتن بأن "المبيعات العسكرية الأجنبية تجري من خلال اتفاقات بين الحكومات، ومن الأفضل أن تناقشها الحكومة الأمريكية"، فيما لم تردّ الشركات الأخرى على طلبات التعليق التي وجهتها وكالة رويترز.
أما شركة كاتربيلر، فسبق أن أكدت التزامها توجيه استخدام منتجاتها بما يتوافق مع القانون الدولي الإنساني.
أما في القطاع التكنولوجي، فقد أدرج التقرير أسماء شركات عملاقة مثل ألفابت (الشركة الأم لغوغل)، وأمازون، ومايكروسوفت، وIBM، معتبراً أنها "محورية في منظومات المراقبة الإسرائيلية وفي التدمير المستمر للبنية التحتية في غزة".
وكانت ألفابت دافعت في وقت سابق عن عقد خدمات سحابية بقيمة 1.2 مليار دولار مع الحكومة الإسرائيلية، مؤكدة أنه لا يشمل أنشطة الجيش أو الاستخبارات.
كما ذُكر اسم شركة بالانتير المتخصصة في تقنيات الذكاء الاصطناعي، لتزويدها جيش الاحتلال الإسرائيلي بأدوات تحليلية متقدمة، بلا تفاصيل حول آلية استخدامها.
ويُعَدّ هذا التقرير امتداداً لقاعدة بيانات أممية كانت أُطلقَت سابقاً لتوثيق الشركات المرتبطة بأنشطة الاستيطان الإسرائيلي، التي حُدّثَت آخر مرة في يونيو/حزيران 2023.
ويوسّع التقرير الجديد هذه القاعدة بإضافة شركات جديدة وتفاصيل تربط بينها وبين حرب الإبادة الجارية في غزة.
ومن المقرر أن يُعرَض التقرير على مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، الذي يضم 47 عضواً، يوم الخميس، ورغم أن قرارات المجلس غير ملزمة قانوناً، فإن تقاريره السابقة شكّلت أساساً لإجراءات قانونية دولية في بعض الحالات.
يُشار إلى أن إسرائيل والولايات المتحدة انسحبتا من المجلس في وقت سابق من هذا العام، متهمتين إياه بالتحيز ضد إسرائيل.
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 ترتكب إسرائيل إبادة جماعية بغزة، تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلفت الإبادة، بدعم أمريكي، أكثر من 191 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين، ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين، بينهم عشرات الأطفال.